هل من الضروري أن يقول الطفل >نعم<؟ مقال من مجلة الوعى الاسلامى للشيخ الفاضل كمال عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
هل من الضروري أن يقول الطفل >نعم<؟ مقال من مجلة الوعى الاسلامى للشيخ الفاضل كمال عبد المنعم
هل من الضروري أن يقول الطفل >نعم<؟
من الطبيعي والبديهي أن نسلم بأن الطفل يتلقى أوامره من والديه أو من الأكبر منه سناً أو من معلميه في المدرسة، ذلك لأن طبيعة الطفل وصغر سنه وعدم رجاحة عقله تقتضي حسن توجيهه وإرشاده إلى الأقوم من السلوك، والأهدى من الأفعال، حتى يتكون لدى الطفل رصيد من الأخلاق الحسنة والأفعال الرشيدة التي يتربى عليها ويهتدي بها، فيتأصل لديه الخير والرشد، ويبتعد عن طريق الشر والغي والضلال، لذلك كان من دعائه [ >اللهم أهدني لأحسن الأقوال والأفعال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عني سيئها، لا يصرف سيئها إلا أنت< >رواه أبو داود<·
ولكننا نساءل: هل من الضروري إذا تلقى الطفل الأوامر والنواهي أن يسمع ويطيع؟ ويقول >نعم< في كل ما يتلقاه؟ أم ينبغي أن يعطى الطفل مساحة من حرية التعبير يناقش من خلالها بعض ما يصدر إليه من أوامر، ويرفض بعضا آخر؟
محاسبة الطفل بقدر:
إن لكل طفل قدرات عقلية تختلف عن أقرانه، فهذا يستقبل الأوامر فينفذها على الفور حتى ولو كانت خاطئة، وآخر يناقش ويجادل ويمكن أن يتردد في تنفيذ أمر أو يرفضه، ونحن كأولياء أمور ومربين ينبغي أن نحاسب الطفل بقدر، فلا نعاقبه أو ننهره إذا امتنع عن تنفيذ بعض أوامرنا، فخيال الطفل يسبح، وفكره قد يجره إلى تساؤل ما، أو خوف من طاعة أمر ما، فلا نهمل ذلك أبدأ، بل نقدره ونحسب له حسابه، أما إذا صدرت الأوامر إلى الطفل بفعل شيئ ينافي الخلق القويم فرفض ذلك فإننا نستحسن ذلك ونشجعه بل ونكافئه على رفضه هذا، فمثلا لو أن الأم طلبت من ابنها التجسس أو التصنت على جارتها أو قريبة لها، فرفض الابن فلا تعاقبه على ذلك، لأنها إن عاقبته وأرغمته على هذا السلوك السيئ تربى الابن عليه ونشأ مدمنا لهذا السلوك المعيب، كذا إذا طلب الأب - مثلا -من ابنه أن يكذب وينكر وجوده في المنزل لمن يسأل عنه فرفض الابن فنحمد له رفضه ونثيبه·
ثرثرة الطفل قد تكون ميزة:
إن من الأطفال من يكثر الكلام والسؤال والمناقشة فلا نمل من ذلك أبدا أو نزجره أو ننهره، بل نرشد ثرثرة هذا الطفل ونصل بها إلى الأحسن، روي أن عبدالله بن الزبير ] كان غلاماً صغيرا يلعب مع الغلمان في طرقات المدينة فجاء >عمر بن الخطاب< ] ليمر من هذا الطريق فجرى جميع الغلمان خوفاً من أمير المؤمنين >عمر< إلا >عبدالله بن الزبير< ظل واقفاً في مكانه، فلاحظه >عمر< وشد انتباهه، فذهب إليه وخاطلبه قائلاً: يا غلام لِمَ لَمْ تجر مثل باقي الغلمان؟ فرد الغلام في لباقة، ولماذا أفر يا أمير المؤمنين؟ لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك، ولم أذنب فأخافك، فأعجب به >عمر< ]، وهذا غلام يتقدم قومه ويدخل على أمير المؤمنين >عمر بن عبدالعزيز< ] ليتحدث معه نائبا عن قومه، فقال له أمير المؤمنين: ألا يوجد في القوم من هو أكبر منك سناً ليتحدث؟ فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسن لكان هناك من هو أحق بالخلافة منك، فأعجب به أمير المؤمنين·
وفي غزوة أحد أجاز النبي [ >رافع بن خديج< وكان طفلاصغير السن ليشترك في المعركة لدقة رميه بالسهام، ولم يجز >سمرة بن جندب< فاحتج >سمرة< وقال: يارسول الله، أجزت >رافعاً< ورددتني، ولكني لو صارعت >رافعاً< لصرعته، فأقام النبي [ بينهما مباراة في المصارعة، انتصر فيها >سمرة< فأجاز النبي [ سمرة ورافعاً رضي الله عنهما·
رفض الأوامر من الطفل لا يكون على إطلاقه:
مما سبق ذكره من قصص نجد أن الطفل قد يكون محقاً في اعتراضه ومناقشته لما يصدر إليه من بعض الأوامر، وهذا يؤصل في الطفل المعنى الحقيقي للحرية، وينمي ويقوي من شخصيته، ويجعله يحسن التفكير في ما يقول ويعمل، وهذه المناقشة أو هذا الرفض لا ينبغي أن يكون على إطلاقه، بمعنى أننا لا نسكت على رفض الطفل أو عناده في تنفيذ وطاعة الأوامر التي فيها مصلحته الأكيدة، التي يترتب على رفضها ضرر محقق للطفل، كأمره بعدم العبث في الأجهزة الكهربائية، وكمنعه من الذهاب إلى مكان ما، عندها يلام الطفل ويؤنب ويعاقب إذا رفض طاعه مثل تلك الأوامر·
إننا لابد لكي نربي، أبناءنا بطريقة صحيحة، أن نبعدهم عن الجبن والخور، ونؤصل فيهم معرفة الخطأ من الصواب، وننمي لديهم حرية التفكير والتوصل إلى أهدى السلوك وأصوبه، والله تعالى يهدينا إلى سواء السبيل·
--------------------------------------------------------------------------------
التصنيف الرئيسي البيت المسلم
--------------------------------------------------------------------------------
بقلم الكاتب: كمال عبد المنعم محمد خليل
من الطبيعي والبديهي أن نسلم بأن الطفل يتلقى أوامره من والديه أو من الأكبر منه سناً أو من معلميه في المدرسة، ذلك لأن طبيعة الطفل وصغر سنه وعدم رجاحة عقله تقتضي حسن توجيهه وإرشاده إلى الأقوم من السلوك، والأهدى من الأفعال، حتى يتكون لدى الطفل رصيد من الأخلاق الحسنة والأفعال الرشيدة التي يتربى عليها ويهتدي بها، فيتأصل لديه الخير والرشد، ويبتعد عن طريق الشر والغي والضلال، لذلك كان من دعائه [ >اللهم أهدني لأحسن الأقوال والأفعال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عني سيئها، لا يصرف سيئها إلا أنت< >رواه أبو داود<·
ولكننا نساءل: هل من الضروري إذا تلقى الطفل الأوامر والنواهي أن يسمع ويطيع؟ ويقول >نعم< في كل ما يتلقاه؟ أم ينبغي أن يعطى الطفل مساحة من حرية التعبير يناقش من خلالها بعض ما يصدر إليه من أوامر، ويرفض بعضا آخر؟
محاسبة الطفل بقدر:
إن لكل طفل قدرات عقلية تختلف عن أقرانه، فهذا يستقبل الأوامر فينفذها على الفور حتى ولو كانت خاطئة، وآخر يناقش ويجادل ويمكن أن يتردد في تنفيذ أمر أو يرفضه، ونحن كأولياء أمور ومربين ينبغي أن نحاسب الطفل بقدر، فلا نعاقبه أو ننهره إذا امتنع عن تنفيذ بعض أوامرنا، فخيال الطفل يسبح، وفكره قد يجره إلى تساؤل ما، أو خوف من طاعة أمر ما، فلا نهمل ذلك أبدأ، بل نقدره ونحسب له حسابه، أما إذا صدرت الأوامر إلى الطفل بفعل شيئ ينافي الخلق القويم فرفض ذلك فإننا نستحسن ذلك ونشجعه بل ونكافئه على رفضه هذا، فمثلا لو أن الأم طلبت من ابنها التجسس أو التصنت على جارتها أو قريبة لها، فرفض الابن فلا تعاقبه على ذلك، لأنها إن عاقبته وأرغمته على هذا السلوك السيئ تربى الابن عليه ونشأ مدمنا لهذا السلوك المعيب، كذا إذا طلب الأب - مثلا -من ابنه أن يكذب وينكر وجوده في المنزل لمن يسأل عنه فرفض الابن فنحمد له رفضه ونثيبه·
ثرثرة الطفل قد تكون ميزة:
إن من الأطفال من يكثر الكلام والسؤال والمناقشة فلا نمل من ذلك أبدا أو نزجره أو ننهره، بل نرشد ثرثرة هذا الطفل ونصل بها إلى الأحسن، روي أن عبدالله بن الزبير ] كان غلاماً صغيرا يلعب مع الغلمان في طرقات المدينة فجاء >عمر بن الخطاب< ] ليمر من هذا الطريق فجرى جميع الغلمان خوفاً من أمير المؤمنين >عمر< إلا >عبدالله بن الزبير< ظل واقفاً في مكانه، فلاحظه >عمر< وشد انتباهه، فذهب إليه وخاطلبه قائلاً: يا غلام لِمَ لَمْ تجر مثل باقي الغلمان؟ فرد الغلام في لباقة، ولماذا أفر يا أمير المؤمنين؟ لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك، ولم أذنب فأخافك، فأعجب به >عمر< ]، وهذا غلام يتقدم قومه ويدخل على أمير المؤمنين >عمر بن عبدالعزيز< ] ليتحدث معه نائبا عن قومه، فقال له أمير المؤمنين: ألا يوجد في القوم من هو أكبر منك سناً ليتحدث؟ فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسن لكان هناك من هو أحق بالخلافة منك، فأعجب به أمير المؤمنين·
وفي غزوة أحد أجاز النبي [ >رافع بن خديج< وكان طفلاصغير السن ليشترك في المعركة لدقة رميه بالسهام، ولم يجز >سمرة بن جندب< فاحتج >سمرة< وقال: يارسول الله، أجزت >رافعاً< ورددتني، ولكني لو صارعت >رافعاً< لصرعته، فأقام النبي [ بينهما مباراة في المصارعة، انتصر فيها >سمرة< فأجاز النبي [ سمرة ورافعاً رضي الله عنهما·
رفض الأوامر من الطفل لا يكون على إطلاقه:
مما سبق ذكره من قصص نجد أن الطفل قد يكون محقاً في اعتراضه ومناقشته لما يصدر إليه من بعض الأوامر، وهذا يؤصل في الطفل المعنى الحقيقي للحرية، وينمي ويقوي من شخصيته، ويجعله يحسن التفكير في ما يقول ويعمل، وهذه المناقشة أو هذا الرفض لا ينبغي أن يكون على إطلاقه، بمعنى أننا لا نسكت على رفض الطفل أو عناده في تنفيذ وطاعة الأوامر التي فيها مصلحته الأكيدة، التي يترتب على رفضها ضرر محقق للطفل، كأمره بعدم العبث في الأجهزة الكهربائية، وكمنعه من الذهاب إلى مكان ما، عندها يلام الطفل ويؤنب ويعاقب إذا رفض طاعه مثل تلك الأوامر·
إننا لابد لكي نربي، أبناءنا بطريقة صحيحة، أن نبعدهم عن الجبن والخور، ونؤصل فيهم معرفة الخطأ من الصواب، وننمي لديهم حرية التفكير والتوصل إلى أهدى السلوك وأصوبه، والله تعالى يهدينا إلى سواء السبيل·
--------------------------------------------------------------------------------
التصنيف الرئيسي البيت المسلم
--------------------------------------------------------------------------------
بقلم الكاتب: كمال عبد المنعم محمد خليل
مواضيع مماثلة
» الأسماء القبيحة والمستوردة جريمة في حق الأبناء مقال من مجلة الوعى الاسلامى الكويتيه للشيخ كمال عبد المنعم
» الضوابط الشرعية للنزهات الأسرية مقال من مجلة الوعى الاسلامى الكويتيه للشيخ كمال عبد المنعم حفظه الله
» مقال الشيخ كمال عبد المنعم من جريدة الجمهوريه
» التلفزيون مقال من مجلة الوعى الكويتيه
» القوامة مقال من مجلة الوعى الكوييه
» الضوابط الشرعية للنزهات الأسرية مقال من مجلة الوعى الاسلامى الكويتيه للشيخ كمال عبد المنعم حفظه الله
» مقال الشيخ كمال عبد المنعم من جريدة الجمهوريه
» التلفزيون مقال من مجلة الوعى الكويتيه
» القوامة مقال من مجلة الوعى الكوييه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى